الفصل الثاني
قراءة تحليلية في مفهوم والتوجيه الإرشاد النفسي
1
نشأة التوجيه و الإرشاد النفسي
التوجيه و الإرشاد بمعناه الواسع قديم قدم العلاقات الإنسانية فمن طبيعة الإنسان أن يحكي مشكلاته الشخصية لأقاربه و أصدقاءه و معارفه فيلقى مشاركة وجدانية و إقتراح حلول لهذه المشكلات معنى هذا أن الإرشاد كان موجودا و يمارس منذ القدم و لكن بدون مصطلح و الإطار العلمي و ترجع بداية ظهوره إلى مائة عام خلت و كان ظهوره بألمانيا من طرف العالم الألماني لهلم فونت 1879 ثم توسع ليشمل مجالات مختلفة بحيث بعد ذلك ظهر التوجيه التربوي بداية القرن 19 و أواخر القرن 20 لما ظهرت مشكلة التخلف المدرسي و القلي لدى التلاميذ ثم بدأت حركة التوحيد المهني على يد فرانك بارسون Barsonsالذي أسس سنة 1908 ثم بعدها تطور المفاهيم و النظريات في الصحة النفسية و الطب النفسي و تطورت النظريات و طرق العلاج و في العقد الخامس ظهر الإرشاد غير المباشر و العلاج النفسي الممركز حول العميل على يد كارل روجرز بعد الحرب العالمية الأولى تطور الاهتمام بالاختبارات و المقاييس النفسية و هكذا ساعدت حركة القياس النفسي في تطوير وسائل الإرشاد النفسي و أثناءها أيضا ابتكرت طرق علاجية أخرى ثم بعدها تطور التوجيه و الإرشاد من خلال ماضيه إلى حاضر و أكثر نموا و أصبح في الوقت الحاضر ملئ السمع و البصر و أصبح الإرشاد النفسي مهنة له مكانة في كثير من المدارس و المصانع و غير ذلك من المؤسسات الاجتماعية و دخل البيوت و أصبحنا نسمع عن أخصائي اجتماعي مثل المرشد النفسي و أصبحنا نسمع أيضا عن تخصصات فرعية للإرشاد النفسي مثل المرشد المدرسي و المرشد العلاجي و أصبح العمل في الإرشاد النفسي عمل فريق متكامل و في الوقت الحاضر تعددت وسائل الإرشاد النفسي و اشتملت على وسائل جديدة متطورة و هكذا لم تعد خدمات الإرشاد قاصرة و تعددت طرق الإرشاد النفسي بحيث يعتبر مجال الإرشاد التربوي في الوقت الحاضر من أهم مجالات التوجيه و الإرشاد و أصبح خدمة مندمجة متكاملة مع البرنامج التربوي العام و دخل الوالدان كعنصر فعال و ضروري لإنجاح تنفيذ برنامج التوجيه و الإرشاد النفسي و أصبح الإرشاد النفسي خدمات ذات برنامج مخطط و منظم بعد أن كان مجرد خدمات محدودة و أصبح ممركز حول العميل أكثر من ممركز حول المشكلات و أخذ مكانته اللئق في كافة المؤسسات و كثرت مراكز و عبادات الإرشاد النفسي و بتالي أصبحت متخصصة و تزايد الإهتمام في الوقت الحاضر بالبحوث و الدراسات العملية في ميدان التوجيه و الإرشاد النفسي .
2 أهمية التوجيه و الإرشاد النفسي لقد كان التوجيه و الإرشاد النفسي فيما مضى موجودا و يمارس دون أن يأخذ الإسم العلمي أو الإطار العلمي و دون أن يشمله برنامج منظم و لكنه تطور و أصبح الآن له أهميته بحيث يقوم به أخصائيون متخصصون علميا و فنيا و أصبحت الحاجة الماسة إلى التوجيه و الإرشاد في أسرنا و في مؤسساتنا الإنتاجية و في مجتمعاتنا بصفة عامة و لهذه الأسباب كلما ازدادت أهمية و اتسعت و اقتصرت على ما يلي :
1- أن الحياة العصرية جلبت معها كثيرا من أسباب الأشغال و القلق و الاضطراب بسبب مشاكل العصر و الضغوط الحياتية مما يستدعي الاهتمام بعمليات التوافق الناجحة .
2- اتجاه مذاهب الصحة النفسية إلى الاهتمام بالفرد و التركيز على منع حدوث الاضطرابات بدلا من انتظار وقوعه كي يبدأ العلاج .
3- أن مسائل الوقاية أصبحت تحظى باهتمام أكبر الآن عن ذي قبل بسبب زيادة الوعي و انتشار المعارف ، و الرغبة في تجنب حدوث المشاكل .
4- إدراك الإنسان لأهمية إقامة علاقات إنسانية جيدة مع غيره و اهتمامه بزيادة فعالية و تحسين وسائل اتصاله مع الآخرين عن طريق التدريب1 .
- ولهذه الأسباب كلها فقد ازدادت أهمية التوجيه و الإرشاد النفسي و اتسعت أهدافه فأصبحت تهتم بالإنسان في حالات اضطرابه فتقدم له الإرشاد و العلاج و في حالات صحته فتهتم بطرق و أساليب ووقايته أولا ثم تحسين و تطوير ما لديه من قدرات حتى يستطيع مواكبة التغيرات المستمرة و الضغوط الدائمة و مقابلة ظروف الحياة الغير متوقعة .
1- الدكتور محمد رهطان القذافي . التوجيه و الإرشاد النفسي المكتب الجامعي الم
3 أهداف التوجيه و الإرشاد أ- تحقيق الذات : Self - actualisation
لا شك أن الهدف الرئيسي للتوجيه و الإرشاد هم العمل مع الفرد لتحقيق الذات و العمل مع
الفرد يقصد به العمل معه حسب حالته سواء كان عاديا أو ضعيف العقل أو متأخرا دراسيا أو متفوقا أو جانحا ، و مساعدته في تحقيق ذاته إلى درجة يستطيع فيها أن ينظر إلى نفسه فيرضى عما ينظر إليه .
*و يقول كارل روجرز إن الفرد لديه دافع أساسي يوجه سلوكه و هو دافع تحقيق الذات و نتيجة لوجود هذا الدافع فإن الفرد لديه استعداد دائم التنمية فهم ذاته . و يتضمن ذلك "لتنمية بصيرة العميل و يركز الإرشاد النفسي غير المباشر أو الممركز حول الذات على تحقيق الذات إلى أقصى درجة ممكنة و ليس بطريقة الكل أو لا شيء .
* كذلك يهدف الإرشاد النفسي إلى نمو مفهوم موجب للذات . و الذات هي كينونة الفرد و حجر الزاوية في شخصيته و مفهوم الذات الموجب
-concept Selfpositive يعتبر تطابق مفهوم الذات الواقعي (أي المفهوم المدرك للذات الواقعية كما يعبر عنه الشخص) و مفهوم الذات الواقعي و مفهوم الذات المثالي .
* و هناك هدف بعيد المدى للتوجيه و الإرشاد و هو " توجيه الذات
" Self – guidanceأي تحقيق قدرة الفرد على توجيه حياته بنفسه بذكاء و بصيرة و كفاية في حدود المعايير الإجتماعية و تحديد أهداف للحياة و فلسفة واقعية لتحقيق هذه الأهداف
ب- تحقيق التوافق Adjustment
من أهم أهداف التوجيه و الإرشاد النفسي تحقيق التوافق أي تناول السلوك و لبيئة الطبيعية و الاجتماعية بالتعبير و التعديل حتى يحدث توازن بين الفرد و بيئته ، و هذا التوازن يتضمن اتساع حاجات الفرد و مقابلة متطلبات البيئة و يجب النظر إلى التوافق النفسي نظرة متكاملة بحيث يتحقق التوافق المتوازن في كافة مجالاته
ج- الصحة النفسية
إن الهدف العام الشامل للتوجيه و الإرشاد النفسي هو تحقيق الصحة النفسية و سعادة و هناء الفرد و يلاحظ هنا فصل تحقيق الصحة النفسية كهدف عن تحقيق التوافق كهدف يرجع ذلك إلى أن الصحة النفسية و التوافق النفسي ليسا مترادفين – فالفرد قد يكون متوافقا مع بعض الظروف و في بعض الموافق و لكنه قد يكون صحيحا نفسيا لأنه قد يساير البيئة خارجيا و لكنه يرفضها داخليا .
و يرتبط تحقيق الصحة النفسية كهدف حل مشكلات العمل أي مساعدته في حل مشكلاته بنفسه و يتضمن ذلك التعرف على أسباب المشكلات و أعراضها و إزالة الأعراض
د- تحسين العملية التربوية :
إن أكبر المؤسسات التي يعمل فيها التوجيه و الإرشاد هي المدرسة . ومن أكبر مجالاته مجال التربية . و تحتاج العملية التربوية إلى تحسين قائم على تحقيق جو نفسي صحي له مكونات منها احترام التلميذ كفرد في حد ذاته و كعضو في جماعة الفصل و المدرسة و المجتمع و تحقيق الحرية و الأمن و الارتياح بما يتيح فرصة نمو شخصية من كافة جوانبها و يحقق تسهيل عملية التعليم .
4 نظريات التوجيه و الإرشاد النفسي أولا : نظرية السمات
تقول هذه النظرية أن لكل فرد سمات شخصية ثابة يمكن أن تلاحظ فيه كما يمكن أن نفرق بين شخص و آخر أو أن نميز بين الأشخاص بعضهم و البعض الآخر على أساس من هذه السمات . و الفكرة البارزة هنا هي محاولة تفسير السلوك الظاهري عن طريق إفتراض وجود إستعدادات معينة عند الكائن الحي و تقسم الصفات بصفة عامة على نحو التالي .
1- سمات مشتركة : يتسم بها الأفراد جميعا .
2- سمات فريدة : لا تتوفر إلا لدى فرد معين و لا توجد على نفس الصورة عند الآخرين .
3- سمات سطحية : و هي السمات الواضحة الظاهرة .
4- سمات مصدرية : و هي السمات الكامنة التي تعتبر أساس السمات السطحية
5- سمات مكتسبة : تنتج من قبل العوامل البيئية و هي سمات متعلمة .
6- سمات وراثية : و هي سمات تكوينية تنتج عن العوامل الوراثية .
7- سمات دينامية : و هي تهيئ الفرد و تدفعه نحو الهدف .
8- سمات القدرة : تتعلق بمدى قدرة الفرد على تحقيق الأهداف .
ثانيا نظرية التحليل النفسي
يفترض فريد مؤسس مدرسة التحليل النفسي أن الجهاز النفسي يتكون من " الهو " و "الأنا"
و " الأنا الأعلى " ، فالهو عبارة عن منبع الطاقة الحيوية و مستودع الغرائز و التي تسعى إلى إشباعها في أية صورة و بأي ثمن و هو الصورة البدائية للإنسان قبل أن يتناولها المجتمع بالتهذيب و " الأنا الأعلى" فهو مستودع المثاليات و الأخلاقيات و الضمير و المعايير الإجتماعية و القيم الدينية و يعتبر بمثابة سلطة داخلية أو رقيب نفسي أما " الأنا" فهو مركز الشعور و الإدراك الحسي الخارجي و الداخلي و العمليات العقلية و المشرف على الحركة و الإدارة و المتكفل بالدفاع عن الشخصية و توافقها و حل الصراع بين مطالب " الهوا" و
" الأنا الأعلى " و بين الواقع .
ثالثا نظرية المجــال
و الفكرة الأساسية هي أن إدراك موضوع ما يحدده المجال الإدراكي الكلي الذي يوجد فيه و أن الكل ليس مجرد مجموع الأجزاء و أن الجزء يتحدد بطبيعة الكل و أن الأجزاء تتكامل في حدوث كلية . وهي تتفق مع نظرية الجشطالت بمفهوم أن الإدراك الكل سابق على إدراك الجزء .
رابعا النظرية السلوكية :
يطلق على النظرية السلوكية اسم نظرية المشيد و الاستجابة " و يعرف كذلك باسم " نظرية التعلم و الاهتمام الرئيسي للنظرية السلوكية هو السلوك كيف يتعلم و كيف يتغير و هذا في نفس الوقت اهتمام رئيسي في عملية الإرشاد و التي تتضمن عملية تعلم و محو تعلم و إعادة
تعلم و التعلم هو محور لنظريات التعلم التي تدور حولها النظريات السلوكية و المفاهيم الأساسية للنظرية السلوكية .
1- معظم سلوك الإنسان متعلم .
2- المثير و الاستجابة : أن لكل سلوك له مثير و إذا كانت العلاقة بين المثير و الاستجابة سليمة كان السلوك سويا .
3- الشخصية : هي تلك الأساليب السلوكية المتعلمة و الثابتة نسبيا .
4- الدافع : و هو طاقة كامنة قوية بدرجة كافية تحرك الفرد نحو السلوك و الدافع إما وراثي أو مكتسب .
5- التعزيز : التدعيم عن طريق الإثابة .
6- الانطفاء : و هو ضعف السلوك المتعلم و خموده إذا لم يمارس و يعزز .
7- العادة : و هي رابطة وثيقة بين المثير و الاستجابة .
8- التعميم : إذا تعلم الفرد استجابة و تكرر الموقف فإن الفرد يعمم الاستجابة على استجابات أخرى مشابهة 2 .
9- التعلم و إعادة التعلم : التعلم هو تغير السلوك نتيجة الخبرة و الممارسة و إعادة التعلم تحدث بعد الانطفاء يتعلم سلوك جديد .
2- الدكتور حامد عبد السلام زهران التوجيه و الإرشاد النفسي عالم الكتب ط2 1980 لصفحة 90
خامسا : نظرية الذات :
يتضمن التوجيه و الإرشاد النفسي دراسة الذات و مفهوم الذات و الذات هي جوهر الشخصية و مفهوم الذات هي حجر الزاوية و هو الذي ينظم السلوك هي أن الفرد قد يكون متوافقا مع بعض الظروف و في بعض المواقف و لكنه قد لا يكون صحيحا تفسيا لأنه قد يساير البيئة خارجيا ولكنه يرفضها داخليا و يرتبط بتحقيق الصحة النفسية كهدف حل مشكلات العميل أي مساعدته في حل مشكلاته بنفسه و يتضمن ذلك التعرف على أسباب المشكلات و أعراض و إزالة الأسباب و إزالة الأعراض .1
1- الدكتور حامد عبد السلام زهران المرجع السابق نفسه الصفحة 73
5 أسس التوجيه و الإرشاد النفسي ا/- الأسس و المسلمات و المبادئ
يقوم التوجيه و الإرشاد النفسي على أسس عامة و يلاحظ أن أسس التوجيه الإرشاد النفسي معقدة و بسيطة و لكن كونها معقدة لا يعني أنها مختلطة أو مشوشة و الهدف من دراسة أسس التوجيه و الإرشاد النفسي هو وضع الأساس الذي يبني عليه باقي الموضوعات التوجيه و الإرشاد النفسي .
ب/الأسس العامــة
* ثبات السلوك الإنسان نسبيا و إمكان التنبؤية : السلوك هو أي نشاط حيوي هادف (جسمي أو عقلي أو اجتماعي و انفعالي ) يصدر من الكائن الحي نتيجة لعلاقة دينامية و تفاعل بينه و بين البيئة المحيطية به و السلوك عبارة عن استجابة أو استجابات لمغيرات معينة ، و يجب التفرقة بين السلوك على أنه استجابة كلية و بين النشاط الفسيولوجي كاستجابات جزئية و السلوك خاصية أولية من خصائص الإنسان يتدرج من البساطة إلى التعقيد ، و نبسط أنواع السلوك هو السلوك الانعكاسي و من أعقد أنماطه السلوك الاجتماعي و السلوك الإنساني في جملته مكتسب متعلم من خلال عملية التنشئة الاجتماعية و التربية و التعليم ، و هو يكسب صفة الثبات النسبي و التشابه بين الماضي و الحاضر و المستقبل .
ج/مرونة السلوك الإنساني :
السلوك الإنساني رغم ثباته النسبي فإنه مرن قابل للتعديل و التغيير ، و الثبات النسبي للسلوك الإنساني لا يعني جموده 1
السلوك الإنساني فردي – جماعي :
إن السلوك الإنساني فردي أو جماعي مهما بدا فرديا بحتا و اجتماعيا خالصا . فالسلوك الإنسان و هو وحده يبدوا فيه تأثير الجماعة ، و سلوكه و هو مع الجماعة تبدو فيه آثار شخصيته و فرديته و نحن نعرف أن الشخصية هي جملة السمات الجسمية و العقلية و الاجتماعية و الانفعالية التي تميز الشخص عن غيره .
د/استعداد الفرد للتوجيه و الإرشاد :
إن الفرد لديه استعداد للتوجيه و الإرشاد مبني على وجود حاجة أساسية لديه لتوجيه و الإرشاد و كل منا حين يلتوي عليه أمرا و تعترضه مشكلة يلجأ إلى الآخرين طلبا للإستشارة و التوجيه و الإرشاد .
1- دكتور حامد عبد السلام زهران التوجيه و الإرشاد النفسي – عالم الكت ط2 1980 . الأسكندرية
ه/الأسس الفلسفية
طبيعة الإنسان :
إن مفهوم طبيعة الإنسان لدى المرشد تعتبر أحد الأسس الفلسفية التي يقوم عليها عمله لأنه يرى نفسه و يرى العميل في ضوء هذا المفهوم ، و هكذا نرى أن عمليه الإرشاد النفسي يجب أن تقوم على أساس فهم كامل لطبيعة الإنسان و ذلك أنها عملية فنية معقدة عميقة عمق الطبيعة البشرية نفسها 1 .
أخلاقيات الإرشاد النفسي :
يركز الفلاسفة مثل سارتر Sartre على أهمية الأخلاق و يقول إن الفرد يجب أن يكون سلوكه حسنا صحيحا يؤدي إلى ما يحقق حريته و أمنه و حرية و أمن الآخرين و هناك أسس فلسفية أخرى منها .
الكينونة و الصبرورة ، الجماليات ، المنطق .
و/الأسس النفسية و التربوية
الفروق الفردية : إن الفروق الفردية مبدأ و قانون عام أساسي في علم النفس يهتم بدراسة علم النفس الفارق و علم النفس الفردي بحيث أن التوجيه و الإرشاد حق لكل فرد و بتالي ينصح الفروق الفردية ذات أهمية كبرى ، و الأفراد يختلفون كما و كيفا و على نطاق واسع شامل يظهر في كافة مظاهر الشخصية جسميا و عقليا و اجتماعيا و انفعاليا و ليس هناك معادلات معروفة تنطق على كل الأفراد .
الفروق بين الجنسين :
لقد خلق الله سبحانه و تعالى الجنسين و بينهما فروق فسيولوجية و جسمية و اجتماعية و عقلية و انفعالية ، و تلعب التنشئة الاجتماعية دورا هاما في إبراز الفروق بين الجنسين في الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها أفراد كل من الجنسين .
مطالب النمو : يتطلب النمو النفسي السوي للفرد في كل مرحلة من مراحل نموه عدة أشياء و هذه الأشياء يجب أن يتعلمها الفرد لكي يصبح سعيدا و ناجحا في حياته و توضح مطالب النمو المستويات الضرورية التي تحدد كل خطوات نمو الفرد و يؤدي تحقيق مطالب النمو إلى سعادة الفرد و بتالي يسهل تحقيق مطالب النمو الأخرى 2
1- الدكتور حامد عبد السلام زهران مرجع لسايف نفسه صفحة 60-61
2- الدكتور حامد عبد السلام زهران مرجع السابق نفسه صفحة 65-66
الأسس الاجتماعية
الاهتمام بالفرد كعضو في جماعة : إن الإنسان كائن اجتماعي و هو يعيش في جماعة ليست مجرد مجموعة من الأفراد و إنما هي كيان اجتماعي يؤثر في الفرد ، ويعيش في واقع اجتماعي له معايير و قيم . و نظرا لأهمية اعتبار الفرد كعضو في الجماعة له فيها أدوار اجتماعية و يقوم الإرشاد الجماعي على أساس ديناميات الجماعة 1
الاستفادة من كل مصادر المجتمع :
إن المسؤولين عن برنامج التوجيه و الإرشاد النفسي يستفيدون من المساعدات الممكنة و من سائر المؤسسات الاجتماعية ، و من أهم المصادر و مؤسسات التأهيل المهني ، و مؤسسات رعاية المعوقين ، و تعتبر المدرسة أكثر المؤسسات الاجتماعية أهمية من حيث قدرتها على تقديم الخدمات .
الأسس العصبية و الفيسولوجية
النفس و الجسم : العميل إنسان له جسم يتكون من عدد من الأجهزة الحيوية مثل الجهاز العصبي و الجهاز الدوري و الجهاز التنفسي و الجهاز الهضمي و جهاز الغدد و كل جهاز يتكون من أعضاء تتكون بدورها من أنسجة يتكون من خلايا لها خصائص معينة و تتخصص آداء و وظائف مختلفة ، و الإنسان يسلك في محيطه البيئي كوحدة نفسية جسمية
تأثر الحالة النفسية بالحالة الجسمية و العكس صحيح و هكذا يحتاج المرشد النفسي إلى دراسة و معرفة عصبية فسيولوجية حتى يتمكن من مساعدة عملائه
الجهاز العصبي :
هو الجهاز الحيوي الرئيسي الذي يسيطر على أجهزة الجسم الأخرى برسائل عصبية و خاصة تنقل الإحساسات المختلفة (المثيرات)الداخلية و الخارجية و يستجيب لها في شكل تعليمات إلى أعضاء الجسم ، مما يؤدي إلى تكثيف نشاط الجسم و مواءمته لوظائفه المختلفة الإرادية و أللإرادية الضرورية للحياة بانتظام و تكامل و بفضل الجهاز العصبي يستطيع الجسم أن يتفاعل مع بيئته الداخلية و الخارجية 2
1- الدكتور حامد عبد السلام زهران المرجع السابق نفسه صفحة 80.
2- الدكتور حامد عبد السلام زهران المرجع السابق نفسه صفحة 81-82.
مجالات التوجيه و الإرشاد النفسي تعتبر مجالات التوجيه و الإرشاد النفسي من بين مجالات المتكاملة و متتالية التي تقدم خدماتها للفرد في أن واحد و دون الفصل بينها .
أ- الإرشاد العلاجي :
هو عملية مساعدة العميل في اكتشاف و فهم و تحليل نفسه و العمل على المشكلات بما يحقق أفضل مستوى للتوافق و الصحة النفسية .
و يهدف الإرشاد العلاجي إلى دراسة شخصية العميل ككل حتى يمكن توجيه حياته بأفضل طريقة ممكنة و تحسين درجة توافقه النفسي إلى أفضل درجة ممكن و من الخصائص المميزة للإرشاد العلاجي أنه يؤكد ضرورة التخصص العلاجي للمرشد مع الإهتمام بتأهيله و تدريبه كلينكيا ، و يهتم الإرشاد العلاجي بإستخدام وسائل جمع المعلومات مثل الإختبارات و المقاييس و خاصة إختبارات و مقاييس التشخيص النفسي الكلينيكي حتى يستطيع المرشد المعالج أن يفهم العميل بدرجة أفضل و أن يحدد و يشخص المشكلة بدقة . و تتضمن عملية الإرشاد العلاجي التواصل إلى المشكلات الداخلية للعميل أي أنه يدخل إلى الحياة الشخصية للفرد .
الإرشاد التربوي :
هو عملية مساعدة الفرد في رسم الخطط التربوية التي تتلاءم مع قدراته و ميوله و أهدافه و أن يختار نوع الدراسة و المناهج المناسبة و المواد الدراسية التي تساعد في إكتشاف الإمكانيات التربوية و مساعدته في النجاح في برنامجه التربوي و المساعدة في تشخيص و علاج المشكلات التربوية بما يحقق توافقه التربوي بصفة عامة و تتكامل أهداف الإرشاد التربوي مع أهداف الإرشاد النفسي بصفة عامة و الهدف الرئيسي الخاص للإرشاد التربوي هو يحقق النجاح و تربويا و ذلك عن طريق معرفة التلاميذ و فهم سلوكهم و مساعدتهم في الإختيار السليم لنوع الدراسة و مناهجها و تحقيق الإستمرار في الدراسة و تحقيق النجاح فيها و حل ما قد يعترض ذلك من المشكلات و التطلع المستقبلي و لتخطيط للمستقبل التربوي للطلاب 1
1- الدكتور حامد عبد السلام زهران – التوجيه و الإرشاد النفسي عالم الكتب ط 2 1980 – القاهرة .
علاقة التوجيه و الإرشاد بالعلوم الأخرى يعتبر مجال التوجيه و الإرشاد من بين المجالات المتصلة بكثير من العلوم و خاصة الإنسانية و ذلك بسبب اتصاله و ارتباطه بالإنسان و سبب أهميته البالغة في حياتنا الحاضرة من ناحية أخرى .
علاقته بعلم الصحة يهتم علم الصحة النفسية بتحديد شروط الوقاية و السلامة من الاضطرابات ، و تحاشي الإصابة بالمشاكل النفسية كالقلق و الاكتئاب و غيرها من جهة نظرية ، لذلك فإن التوجيه و الإرشاد يعتبر الجانب العلمي لعلم الصحة النفسية . فعن طريق التوجيه و الإرشاد النفسي يمكن معالجة الاضطرابات و تحصين الجسم بعوامل الوقاية و المقاومة و تحسين مستوى التفاعل الحالي عن طريق الاستفادة من القدرات و الاستعدادات .
علاقته بعلم نفس عدم السوء عادة ما يهتم علم النفس عدم السوء بوصف الاضطرابات و أسبابها و عوامل حدوثها و البيئة المشجعة على زيادة الاضطرابات أو تحاشيه غير أن هذا العلم كثيرا ما يقف عند حد تقديم معارف وصفية . ولذا فإن التوجيه و الإرشاد النفسي يبدأ حيث ينتهي علم النفس عدم السواء فيتناول المريض أو المضطرب بالتشخيص و العلاج و تدعيمه بشكل يؤدي إلى مقاومته لتلك الاضطرابات في حالة تعرضه لمواقف شبيهة بالمواقف التي حدث فيها الاضطراب .
1- د.رمضان محمد القذافي المكتب الجامعي الحديث ط1 .
2- كتاب التوجيه و الإرشاد النفسي 1996 الأسكندرية الصفحة 18-19
علاقته بعلم الأعصاب يرتبط مجال التوجيه و الإرشاد النفسي ، بعلاقات كثيرة و متعددة بعلم الأعصاب . فعلم الطب النفسي العصبي يعتبر نتاجا مشتركا لعلم النفس و علم الأعصاب معا . وهذا من جهة و من جهة أخرى فإن علاقة المخ و الأعصاب بالسلوك و بخاصة الجهاز العصبي الطرفي المستقل يعتبر سببا كافيا لتأكد العلاقة بين المجالين . هذا فضلا عن أن أي طالب مقدم على اختيار مجال التوجيه و الإرشاد النفسي كمهنة لا بد له . خلال مرحلة إعداده من التعرف من خلال علم النفس الفسيولوجي و الإكلينيكي على أجهزة الجسم ووظائف كل جهاز و علاقته بالحالة المزاجية و الانفعالية للإنسان و سلوك الكف و الإثارة و الميكانيزمات الخاضعين لها .
علاقته بعلم القانون لقد ارتبط علم القانون بالعلوم النفسية في أكثر من اتجاه . فعلم النفس الجنائي ، و الأسباب النفسية للجنوح أو الإجرام ، و الحالة الانفعالية أو العقلية للمجرم وقت وقوع الجريمة تعتبر جميعا من العوامل التي وطدت العلاقة بين علم القانون و مجال التوجيه و الإرشاد النفسي . هذا فضلا عن أن كلا المجالين يعملان على مقاومة عدم السوء ، و كلاهما يسعيان إلى إيجاد مجتمع سوي خال من أعراض الاضطرابات ، و كلاهما يطمحان إلى تعديل سلوك المنحرفين أو إعادة تشكيلة بما يضمن توافقهم مع الواقع الاجتماعي و عدم عودتهم إلى الانحراف
1- الدكتور محمد رمضان القذافي المرجع السابق نفسه صفحة 22-2
علاقته بعلم النفس العام يعتبر علم النفس العام هو المقدمة التي لا غنى عنها لكل الدارسين و العاملين في المجالات النفسية . فالسلوك و الحاجات و الدوافع و الميول و الاتجاهات هي من الموضوعات التي يهتم بها علم النفس العام من جهة ، كما أنها تقع في قلب عملية التوجيه و الإرشاد النفسي من جهة أخرى ، فلا عجب أن ترى إصرار مؤسسات التعليم العالي و تدريب المرشدين النفسيين على ضرورة أن يكون الطالب المتقدم لهذا المجال قد درس عددا من الوحدات الدراسية في مجال علم النفس كشرط لقبوله للدراسة في هذا المجال .
علاقته بعلم الاجتماع يعتبر علم الاجتماع من العلوم ذات الصلة القوية بالعلوم النفسية بالإضافة إلى ذلك نجد أن هناك اتجاها قويا في مجال التوجيه و الإرشاد النفسي يقوم على أسس اجتماعية تربط ما بين مظاهر اجتماعية و أساليب التنشئة و بين الاضطرابات العقلية و النفسية . فنظرية التحليل النفسي تشير إلى مشاركة العوامل الاجتماعية ، و كذلك نظرية التحليل النفسي الحديث ، كما تولي النظرية السلوكية عمليات التعليم الاجتماعي أهمية كبرى في تفسيرها الأسباب انحراف السلوك .
علاقته بعلم الإحصاء لا يوجد مجال علمي اليوم لا يتصل بعلم الإحصاء من قريب أو بعيد فقد تولى علم الإحصاء بأساليبه و تقنياته تسهيل الأمر على كثير من العلوم بتقديمه المعلومات الضرورية و من ذلك مجال التوجيه و الإرشاد النفسي ، مما جعلنا نعرف احتمالات حدوث ظاهرة مرضية معينة و نسبية ذلك الحدوث و احتمالات الشفاء منها و غيرها ، كما يقدم لنا علم الإحصاء النسب التقريرية لحالات السوء ، و عدم السوء في المجتمع و يساهم في ترتيب نتائج البحوث و إبرازها في شكل نسب و أرقام و إحصائيات سهلة القراءة وواضحة المعالم .
1- الدكتور رمضان محمد القذافي . المرجع السابق نفسه صفحة 19-20
علاقته بعلم الأديان نتيجة للتقدم الثقافي المعاصر و اكتشاف الإنسان لأثر الدين العميق في حياته إتجاه العلماء إلى فحصه العلاقة بين الدين و كثير من المجالات العلمية و من بينها مجال التوجيه و الإرشاد النفسي ، وقد اتضح من نتائج الدراسات و البحوث أن للدين تأثير كبير في علاج و شفاء العديد من الأمراض النفسية . و لا نذهب بعيدا إذا ما قلنا بأن أنصار أساليب الإرشاد و العلاج الموجه ربما إستهلموا أفكارهم من تأثير تعاليم الدين على النفوس ، فالإيمان يؤدي إلى تغيير الاتجاهات و إلى تعديل السلوك و إلى السيطرة على النفس بحيث يصبح السلوك شعورايا . و إذا ما تفحصنا أساليب الإرشاد و العلاج الموجه المتمثلة في التعليم و التدريب و الإقناع و الإيحاء لوجدنا أنها تختلف كثيرا عما يحدث في مجال الإرشاد و التوجيه الديني الذي يعتبر فرعا من فروع التوجيه و الإرشاد النفسي المعترف بها 1 .
علاقته بالعلوم الطبيعية لا يستطيع أحد أن ينكر بأن الاضطرابات و الأمراض النفسية و القلية كانت و مازالت من اهتمامات الطب و العلوم الطبية و علوم الصيدلة ، و لئن تقدمت العلوم النفسية و أخذت مكانها في مجالات الإرشاد و العلاج إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود صلة بين المجالين ، فالأمراض و الاضطرابات النفس حسمية مازالت مجالا مشتركا بين الاتجاهين ، كما أن كلا من الطبيب و الأخصائي النفسي أو المرشد النفسي مازالوا يستعينون بخبرات بعضهم البعض في حالات الاستشارة و الحالة ، و مما تجب الإشارة إليه أنه في بعض الحالات يحتاج المرشد إلى استشارة الطبيب و بخاصة في حالة الشك في وجود سبب عضوي للاضطراب ، كما أن الطبيب يحتاج إلى استشارة المرشد النفسي عندما لا يجد سببا عضويا واضحا لاضطرابات العميل الجسمية .
1- الدكتور رمضان محمد القذافي المرجع السابق نفسه صفحة 21