المرجعيات العلمية
مجلوبات التعلمية: إن اهتمام التعلمية ينصب حول دراسة التفاعلات التي تربط بين كل من المعلم والمتعلم والمعرفة داخل مجال مفاهيمي معيّن وذلك قصد تسهيل عملية تملّك المعرفة من طرف المتعلمين، فالتعلمية تقترح على نفسها موضوعا متشعبا، يتمثل في الكشف عن الآليات والميكانيزمات المستخدمة من طرف الفرد المتعلم لتملك المفاهيم والمعارف المتصلة بمجال معرفي معين، أي أن هذا العلم يدرس مختلف القضايا التي يطرحها تدريس مادة معرفية محددة، لأن الأبحاث أثبتت أن المتعلم يواجه صعوبات وعوائق في مجال معين ولا يواجهها عندما ينتقل إلى مجال معرفي آخر، كما لو كان الحال بين المواد الأدبية والعلمية والاجتماعية، ولكل مجال معرفي طرق وأساليب واستراتيجيات تعتمد وهي تختلف من مجال لآخر، من بين أهم المفاهيم التي أنتجتها التعلمية والتي تساعدنا على إرساء بيداغوجيا فارقية.
وفي الأخير أحب أن أرفق بعض المفاهيم كمفهوم التصورات والعوائق التعلمية والعقد التعلمي التعليمي والهدف العائق والعائق التعليمي، ثم الأهداف والغايات لهذه البيداغوجيات.
مفهوم التصورات: أكدت مباحث التعلمية أن المتعلم لا يأتي إلى المدرسة وعقله صفحة بيضاء، بل يأتي وهو محمّل بعدة تصورات ما قبل علمية، وأغلبها لا تساعده على تملك المعارف العلمية، ويعرف الباحث الفرنسي «مينيي» التصور كالآتي "يتمثل التصور في الطريقة الفريدة التي يستخدم بها فرد معيّن معارفه السابقة في وضع وزمان محددين، فهو مثال شخصي لتنظيم المعارف داخل وضعية محددة".
مفهوم العوائق التعليمية: وتتمثل في مختلف العوائق التي يواجهها الفرد خلال عمليات تملك المعارف الجديدة، وقد استنبطت التعلمية هذا المفهوم من العوائق الابستيمولوجية لـ«باشلار»، مثل العوائق المرتبطة بالمعرفة العامة، العوائق الإحيائية، الحسية، الغائية واللغوية وغيرها.
مفهوم العقد التعلمي التعليمي: يتمثل هذا العقد في مختلف الاتفاقيات التي تربط مختلف الأطراف المتدخلة في العمليات التربوية من أستاذ، تلميذ، مؤسسة تربوية، ولي وغير ذلك، بصفة صريحة أو ضمنية لحسن سير العملية التربوية، والعقد يسبق الوضعية التعليمية التعلمية ويحددها، ذلك فإن كل طرف من الأطراف يقوم بالأدوار المتصلة بوظيفته حسب ما هو متعارف عليه، فالأستاذ مثلا يقوم بدور التدريس، أي التعليم، والمتعلم يقوم بدور المتلقي، وهو دور يتناقض مع الفلسفة البنائية للتعلم ولا يسمح في كثير من الأحيان بإعطاء المتعلم فرصة التعلم الذاتي، بل والمساهمة الفعالة في بناء المفاهيم وإثرائها، الشيء الذي جعل «بروسو» يتحدث عن مفهوم جديد وهو انتقال المسؤولية التعلمية، أي التنازل التعلمي وهو مفهوم يحد من سلطة المدرس داخل الفصل، فهل يقبل المدرسون بمثل هذا الانسحاب المؤقت والتنازل عن السلطة؟
مفهوم الهدف العائق: يعود استنباط هذا المفهوم إلى الباحث الفرنسي «مارتيناند» في محاولة توفيقية بين مفهومين اثنين:
- مفهوم الهدف.
- مفهوم العائق التعليمي.
والهدف العائق مشروع بيداغوجي يجد منطلقاته في الخصائص المعرفية للمتعلم (تصورات، عوائق، استراتيجيات...) والمستويات المعرفية التي يمكن له أن يرتقي إليها، ولا شك أن قراءة أخطاء المتعلمين قراءة تحليلية تساعد المتعلم والأستاذ على تحديد أفضل للأهداف، انطلاقا من الصعوبات الفعلية والعوائق التي يواجهها تلاميذه.
ألأهداف والغايات
انطلاقا من المبادئ التي ترتكز عليها البيداغوجيا الفارقية نستنتج وجود عدة أهداف، وهي في أغلبها مشروعة وفي توافق مع طموحات الفرد والمجتمع، ويمكن أن نصنفها كالآتي:
- أهداف تتصل بالمحتويات المعرفية (المناهج المدرسية) بما يتلاءم مع الأهداف والغايات.
- تنويع الطرق والأساليب واختيار أنجعها وذلك حسب الأهداف المرسومة.
- أهداف ذات طابع علائقي (العلاقة التربوية):
تطوير العلاقة بين مختلف أقطاب العملية التربوية (معلم، أستاذ، تلاميذ).
تحديد مختلف المهام المتصلة بالأطراف المتدخلة في العمل التربوي.
تنسيق الجهود بين هذه الأطراف (تلميذ، معلم، ولي، مؤسسة، أدوار ثقافية..).
- أهداف ذات طابع مؤسساتي:
إعادة تنظيم العمل المدرسي (عمل جماعي، مجموعي، فردي..).
إيجاد أكثر مرونة في التوقيت والأدوار المتصلة بعمل المعلم أو الأستاذ.
إعادة النظر في الطرق المعتمدة في التقييم.
- أهداف تتصل بالإنتاجية:
الحد من ظاهرة الفشل المدرسي.
التقليص من ظاهرة الهدر.
تطوير نوعية الإنتاج (ملامح خريجي المدرسة، الكلية..).
- أهداف ذات طابع تربوي قيمي اجتماعي:
اعتبار شخصية المتعلم في جميع أبعادها المعرفية، الوجدانية والاجتماعية.
إكتساب قدرة أفضل على التكيف الاجتماعي والتفاعل الإيجابي مع المتغيرات.
تطوير قدرة المتعلم على تحمل المسؤولية والاستقلالية والترشد الذاتي.
خلق دافعية أفضل للعمل المدرسي والارتقاء الاجتماعي.
تحويل القدرات إلى كفايات، أي إقدارهم على توظيف ما يكتسبونه من معارف في حياتهم اليومية.
عن الايام الجزائرية بقلم :ياسين تاكليت