أما بعد:
قال الله تعالى : " لا أقسم بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة ،أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه ، بلى قادرين على أن نسوي بنانه " من سورة القيامة.
فالله سبحانه يبين للذين ينكرون البعث و اليوم الآخر بأنه قادر على جمع عظام الانسان بعد أن تبلى و تصير ترابا و تتفرق ، بل أكثر من هذا فإن الله قادر على إعادة خلق أصابع الإنسان و إرجاعها إلى ما كانت عليه في الدنيا.
و السؤال هنا : لماذا اختار الله تعالى بنان الإنسان و لم يختر عضوا آخر من أعضاء الجسم ؟؟ الإجابة هي أن العين و الأنف و الأذن و غيرها تتشابه بين إنسان و آخر ، و لكن الأصابع لها ميزات خاصة فهي لا تتشابه و لا تتقارب ، و هذه الحقيقة لم تعرف لأول مرة إلا في القرن 19م أي بعد نزول القرآن باثني عشر قرنا و نصف ، ففي سنة 1884م استعملت رسميا في إنجلترا طريقة الاستعراف و التعريف بواسطة بصمات الأصابع إذ إن بشرة الأصابع لدى الناس جميعا مغطاة بخطوط على ثلاثة أنواع : أقواس أو عراو أو دوامات بمعنى دوائر متحدة المركز . و كذلك يوجد نوع رابع يشمل جميع الأشكال التي لم توصف في الثلاثة السالفة الذكر و تسمى المركبات ، و هذه الخطوط لا تتغير مدى الحياة و تتميز بين شخص و آخر ، لا تتشابه بصمة الإنسان مع إنسان آخر في أقطار الدنيا قاطبة ، فكل لفظ من ألفاظ القرآن مقصود لمعنى مراد يكشف عن سر من أسرار الكون و خلق الإنسان ، و في هذا ما يشهد و يدل على إعجاز القرآن و أنه ليس من تأليف بشر بل هو من عند خالق البشر جل جلاله و عظم مقامه..